رصدـت سلسلة تقارير
«استشراف مستقبل المعرفة» منذ إطلاقها عام 2018 من قِبَل مؤسَّسة محمد بن راشد آل
مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المشهد المعرفي المستقبلي. وتعتمد
على تحليل لبيانات الإنترنت
ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز فهم أفضل لقدرة المجتمعات على التعامل مع متطلبات
تطوير المجالات والتخصّصات الّتي من المرجّح أن تلعب أدواراً مهمة في المستقبل.
وهي تطمح إلى تشجيع القيادة الاستباقية في جميع الدول لضمان عملية مستدامة لتنمية
وتطوير مهارات القوى العاملة.
ويأتي الإصدار الثالث والأخير من سلسلة تقارير
استشراف مستقبل المعرفة – والذي أُطلِقَ في 2022 – في وقتٍ يعيش فيه العالم مرحلة
من عدم اليقين، وتكثر فيه النقاشات والتداولات عن كيفية تعزيز منعة البلدان
وقدرتها على التعافي، وتطوير خطط واستراتيجيات لتدارك مسارات التنمية الشاملة
والمستدامة. ويرصد التقرير الفروقات والاختلافات بين القدرات التحوُّلية
للبلدان في ما يتعلَّق بالمخاطر العالمية الرئيسة، بالاعتماد
على البيانات، وذلك لطرح تصوُّرات جديدة حول جاهزية البلدان لمواجهة المخاطر
المستقبلية. ويتيح التقرير في نسخه المتتالية بيانات حديثة وفريدة حول مستويات
الوعي في دول العالم بالمخاطر المستقبلية، فضلاً عن جوانب المهارات والمعرفة.
أربعة فصول
تتكوَّن أحدث نسخة من تقرير «استشراف مستقبل المعرفة» من أربعة فصول، حيث
يعرض الفصل الأول المخاطر العالمية والتكنولوجية والصحية والبيئية وما تمثِّله من
تحديات، ويؤكِّد أهمية القدرة التحوُّلية كأحد المقومات الرئيسة في مواجهة هذه
المخاطر، وعلى مجالات المعرفة والمهارات التي تشكِّل أساساً ضرورياً لحدوث هذا
التحوُّل، فيما يبيِّن الفصل الثاني المنهجية المتَّبعة في التحليل مع تفصيل أدوات
جمع البيانات وأطر العمل التحليلية والمنهجية. أمّا الفصل الثالث فيركِّز على
النتائج الرئيسة للتحليل على المستوى العالمي فيما يتعلَّق بقدرات التعاون والابتكار، في حين يقدِّم الفصل الرابع مجموعة من التوصيات والملاحظات الختامية.
أربع توصيات
في النسخة الأخيرة من تقرير «استشراف مستقبل
المعرفة» تمَّ تحديد أربع توصيات لصانعي القرار وواضعي السياسات، لدعم الدول في
مجال تطوير قدرات التعاون والابتكار، والعمل على إجراء إصلاحات بنيوية تعالج أوجه
القصور والإشكاليات الحالية في مقاربات التنمية، وتسهم في تعزيز مستويات الجاهزية
في مواجهة التحديات والمخاطر المستقبلية. كما تهدف هذه النسخة من التقرير إلى دعم
القيادات الوطنية في ضمان الجاهزية لمواجهة المخاطر العالمية المستقبلية في ظل
التحديات والاضطرابات التي تحيط بالعالم، لا سيما تلك المتعلقة بالتكنولوجيا
والصحة والبيئة.
وتضمَّنت هذه التوصيات الأربع تصميم إطار عمل وطني
وتنفيذه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بمشاركة الأطراف المعنية المتعددة، وإعطاء
الأولوية للمهارات باعتبارها أهمَّ مقومات رأس المال البشري في المستقبل، وتطبيق
طرق تخطيط السيناريوهات واستشراف المستقبل في إيجاد حلول لمواجهة المخاطر، وعمل
الأطراف المعنية جماعياً داخل البلدان وفي ما بينهما.
كما دعا التقرير إلى إحداث تغيير جذري في طريقة
ممارسة الأعمال لتحفيز استثمار الإمكانات الكاملة للبنى التحتية المعرفية والحد من
التأثيرات السلبية لأي اضطرابات أو تحديات مستقبلية في مجالات الصحة والتكنولوجيا
والبيئة. كما بيَّن التقرير أنَّ الجهات الحكومية والقطاع الخاص مطالبون بتعزيز
التشريعات والسياسات والاستفادة من البحث والتطوير والابتكار لمواجهة المخاطر
المحتملة على الصعيد البيئي والتكنولوجي والصحي والتخفيف منها.
تعزيز القدرات التحولية
دعا تقرير «استشراف مستقبل المعرفة» إلى مزيد من
العمل لتعزيز القدرات التحوُّلية على مستوى دول العالم من خلال تكييف خصائصها؛
كالمنظومات الحيوية والبنى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، أو تطويرها عبر تعزيز
القدرة على الابتكار والتعاون، بما يؤدي إلى ضمان جاهزيتها لمواجهة المخاطر
والتحديات المستقبلية وتعزيز مَنعتها وقدرتها على التعافي. كما أشار التقرير إلى
أنَّ العالم بحاجة إلى التفكير من جديد في افتراضاته السابقة بكون التغيير
مستحيلاً أو مكلفاً، وعليه يجب حشد موارد إضافية لتطوير بيئة المعرفة ومنظومة
المهارات التي ينظر إليها على أنها ركائز أساسية لضمان جاهزية البلدان في مواجهة
المخاطر المستقبلية.
كما بيَّن التقرير أنَّ قدرات الابتكار والتعاون
هما من العناصر الأساسية في تطوير قدرات البلدان على استثمار الأبعاد المعرفية
ومهارات القوى العاملة، كما أنَّ القدرات التحوُّلية لها دور رئيس في تمكين
البلدان من التكيُّف والتحوُّل والتغيُّر الشامل لخصوصياتها البنيوية مثل المنظومة
الحيوية البيئية والبنى الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال الاستجابة للمخاطر
المستقبلية من دون أي تعطيل في تسيير أمورها.
شراكات دولية
أكَّد التقرير ضرورة تكوين شراكات دولية للتدخُّل
في حالات حدوث اضطرابات ومخاطر، وأهمية التعاون بين الأطراف المعنية داخل الدول
وفيما بينها، مبيناً أنَّ بناء قدرات التعاون تسهِّل من عملية تبادل المعرفة
والدروس المستفادة وتحفِّز الدول على تبنّي أنظمة المعرفة المفتوحة والابتعاد عن
مركزية القرار.
إضافة نوعية
ويعدُّ تقرير «استشراف مستقبل المعرفة» إضافة
نوعية إلى الشراكة طويلة الأمد بين مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج
الأمم المتحدة الإنمائي في إطار «مشروع المعرفة» الذي يهدف وفق رؤية مشتركة
للجانبين، إلى تمكين وتعزيز المعرفة في المجتمعات من أجل تحقيق أهداف التنمية
المستدامة. كما يتضمَّن المشروع إصدار مؤشر المعرفة العالمي لاستقراء الوضع
المعرفي، ومن ثمَّ تقرير «استشراف مستقبل المعرفة» للانتقال إلى مرحلة التحليل
الكمّي والفعلي للواقع العام.